ا نخشى من التغيير الاقتصادي

ا نخشى من التغيير الاقتصادي

يعد التغيير سنة كونية، يسري على الأفراد والعائلات والمنظمات وصولا إلى حياة الدول، ولا يمكن أن تسير الحياة على نمط واحد من غير التعرض إلى عوامل تغير من طبيعة الحياة التي حولنا. وجاء التكيف مع الظروف والحياة الجديدة ليكون بمنزلة واقع عملي، حسب مقولة العالم البريطاني تشارلز داروين، "إن الكائنات القادرة على الاستمرار ليست الأقوى أو الأذكى، وإنما تلك الأكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات". ولكن التخوف من التغيير منتشر ومشاهد للغاية، حتى إن هناك رهابا نفسيا يعرف بالرهاب من التغيير Metathesiophobia، وهو رهاب يدفع الناس إلى تجنب تغيير ظروفهم بسبب خوفهم من المجهول. ولاحظت الدكتورة سوزان بيالي، طبيبة في علم النفس، أن التغيير يسبب التوتر دائما حتى ولو كان إيجابيا. لكن لماذا نخشى من التغيير أو حتى من فكرة التغيير؟ ولماذا يرفض بعض الموظفين فكرة التغيير؟ربما يخشى الناس التغيير لأنهم يرون فيه مزيدا من العمل والجهد والوقت، ويتعين على الأشخاص تصميم واختبار مناهج جديدة، ويمكن أن يجعل التغيير يبدو وكأنه تجربة فاشلة نظير الصراع الناتج مع أعباء العمل وضيق الوقت. ويخشى الناس التغيير لأنه يتراءى لهم أنهم قد يفقدون السيطرة على دورهم الحياتي والوظيفي. وكلما كان التغيير أكبر، شعروا بأن التغيير يتم إجراؤه وتجربته عليهم بالذات. وبالطبع، فلا أحد يحب الشعور بالعجز أمام الآخرين أو حتى مع أنفسهم. ويخشى الناس والموظفون التغيير بسبب ما قد يخسرونه أو يتخلون عنه، وقد يفكرون أن عليهم التوقف عن التركيز على العمل الذي يستمتعون به والتواصل مع الأشخاص الذين يودونهم، بل سيرى البعض أن التغيير في المسمى الوظيفي هجوما على ذواتهم الشخصية. وقد يولد لدى الشخص شعورا بالاستياء مثلا عند تغيير المكتب أو مكان العمل إذا كان ذلك يعني فقدان نافذة أو مساحة أو موقف سيارة. وبغض النظر عن مقدار ما قد يشكو منه الناس والموظفون، فإن الروتين وعدم التغيير هو الذي يبعث الإحساس بالراحة والأمان، ولذلك يخشى الناس التغيير إذا لم يفهموا السبب، ولماذا الآن، وقد تتولد مقاومة مضادة كما ينص قانون نيوتن الثالث، "لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه". وعندما تطرأ في حياة الإنسان أو الموظف حالة من الشك وعدم اليقين قد تزيحه خارج منطقة الراحة، تتوالد لديه مشاعر الخوف والرهاب. ولذلك يـعزى السبب الأكثر شيوعا للخوف من التغيير إلى القلق، وفي الأغلب ما يعاني الأشخاص الذين لديهم حالات من القلق جراء عدم اليقين. وفي حياة الموظف، يبدأ القلق والخوف من التغيير إذا لم يتمكن من أداء الأعمال الجديدة المنوطة به، والبعض قد يرى نفسه غير كفء أو معدوم المهارة. الجدير بالذكر أنه لوحظ عدم وجود أي ارتباط أو علاقة بين مقاومة التغيير وعمر الموظف، ما يشير إلى أن بعض الموظفين الأصغر سنا قد يكونون أكثر مقاومة للتغيير من أولئك الأكبر سنا.إن الاستماع للموظفين ودراسة مدى استجابتهم ضرورة للتخفيف من وتيرة الخوف من التغيير، ومن حق الموظف معرفة سبب التغيير لكي يتم التفاعل بصورة إيجابية، وتختلف استجابة كل موظف عن الآخر لأنهم بكل بساطة ليسوا روبوتات. ومن المهم قبل البدء بعمليات التغيير دراسة المعارف والمهارات التي ستحتاج إليها المنظمة أثناء التغيير وبعده، وقد ينطبق ذلك مجازا على الأفراد والعائلات. وليس التغيير مثاليا في الغالب، إذ ستطرأ عقبات غير متوقعة تنشأ مع بدء عمليات التغيير، قد تطيح بقادته التنفيذيين إذا لم يكونوا مستعدين. ونختتم بمقولة للأديب الروسي فيودور دوستويفسكي، "إن القيام بخطوة جديدة أو التلفظ بكلمة جديدة هو أكثر ما يخشاه الناس".

الاقتصاديه

14:2